
في ظل الأزمات المتلاحقة التي تعصف بالمواطن في قطاع غزة عقب الحرب التي استمرت نحو عامين، تبرز عديد الأسئلة حول دور سلطة النقد والبنوك العاملة في غزة في صناعة الأزمات والتضييق على المواطن المطحون نتيجة تداعيات الحرب الإسرائيلية.
ويتهم المواطنون في قطاع غزة سلطة النقد بالتقصير المتعمد في إدارة ملف السيولة النقدية، وفرضها قيودًا خانقة على معاملات التحويل والاستقبال الإلكترونية.
وفي ظل هذه الظروف الصعبة وحاجة المواطنين للتعاملات المالية أغلقت سلطة النقد بنوكها في القطاع، فيما امتنعت عن إيجاد أي حل لأزمة السيولة النقدية في القطاع المحاصر.
تأزمت أزمة السيولة النقدية ما جعلها حديث الشارع في قطاع غزة، في ظل شح الأوراق المالية في أيدي المواطنين وتكدسها عبر المحافظ والحسابات البنكية.
جعلت هذه الأزمة التي افتعلتها سلطة النقد بعدم إدخالها السيولة النقدية إلى قطاع غزة أو حتى التفكير في أي طريقة للحد منها آثارها الكارثية على قطاع غزة.
وجعلت هذه الأزمة المواطنون بين رحمة أصحاب رؤوس الأموال الذين عملوا خلال الحرب وبعدها على نهب جيوب المواطنين بأخد نسب كبيرة من العمولة مقابل المال الكاش والتي وصلت لأكثر من 50%.
وتسببت الأزمة أيضًا في تكدس المال المهترأ والممزق في أيادي المواطنين، إذ يرفض التجار استقباله من المواطنين بحجة أنه ممزق وغير صالح للاستخدام.
فيما تحمل جهات حقوقية وقانونية المسؤولية للاحتلال بافتعال أزمة النقد في قطاع غزة، إلا أن المواطنون لا يعفون سلطة النقد من المسؤولية والعمل على إيجاد حل مناسب لحل الإشكالية الكبيرة.
مركز الميزان لحقوق الإنسان قال في تقرير له إن أزمة نقص السيولة تؤثر على المواطنين بشكل مباشر، وتضاعف من التحديات التي تواجههم بشكل يومي، وتحول دون قدرتهم على سحب أموالهم من البنوك سواء رواتب وأجور الموظفين أو صناديق التوفير والودائع أو تلقي التحويلات الخارجية من الأقارب والأصدقاء.
ويلجأ عديد المواطنون في قطاع غزة إلى الحصول على رواتبهم مقابل عمولة من الصرافين، أو من بعض التجار وأصحاب رؤوس الأموال مما يعرض المواطن للاستغلال وخسارة نصف أمواله تقريبًا.
وتعاني الأسواق في غزة منذ ما يزيد عن عامين من نقص حاد في السيولة النقدية خاصة الفئات الصغيرة منها عدا عن تلف الموجود مسبقًا من أوراق نتيجة التدوير وطول المدة الزمنية دون إتلاف.
حجج واهية
وتبرر سلطة النقد بقولها إنها غير قادرة على إدخال نقود جديدة إلى القطاع حتى بعد دخول التهدئة حيز التنفيذ وانتهاء الحرب.
وتضيف في تصريحات صحفية، أن أزمة السيولة المستمرة في غزة ناجمة عن نهب الأموال التي كانت مودعة في خزنات البنوك أثناء الحرب.
وتطالب سلطة النقد المواطنين بالاعتماد على وسائل الدفع الإلكتروني في إتمام معاملاتهم المالية اليومية.
ويرى مختصون اقتصاديون أن الرؤية المطلوبة لإنعاش الاقتصاد الغزّي يقوم على ضخ السيولة المنتظمة عبر القنوات الرسمية، وتوسيع أنظمة الدفع الرقمي.
وأكدوا على ضرورة بناء الثقة مع المواطنين من خلال إلغاء العمولات المبالغ فيها وضمان الودائع.
وقبل نحو شهر أعلنت البنوك التابعة لسلطة النقد افتتاح بعض فروعها في قطاع غزة، إلا أن المواطنون وصفوا ذلك بأنه شكلي في ظل عدم إدخال السيولة النقدية وتقديم خدمات بسيطة في ظل الحاجة الملحة لتقديم الخدمات البنكية بشكل واسع ومكثف.



