ميليشيات غزة.. أداة استخبارية لخلق الفوضى وتقويض الجبهة الداخلية

يجمع مختصون أمنيون في قطاع غزة أن ميليشيات غزة التابعة للاحتلال الإسرائيلي من أفضل أدوات “إسرائيل” الاستخبارية، وتهدف لخلق الفوضى وتقويض الجبهة الداخلية في القطاع المحاصر.
وشهد قطاع غزة خلال عامين من الحرب بروز حالات محدودة من مجموعات مسلّحة أو أفراد انحرفوا عن المسار الوطني، مثل حالة أبو شباب والمنسي والأسطل وحلس وغيرها، حيث تشكّلت دوافعهم في كثير من الأحيان على خلفيات شخصية وانتقامية مرتبطة بماضٍ غير وطني وغير أخلاقي.
ويقول مختصون في هذا الشأن أن أجهزة استخبارات الاحتلال وجدت فيهم، وبدعم من أجهزة استخبارية عربية، فرصة للاستغلال والتوظيف الاستخباري، بما يخدم أهدافها في إضعاف الجبهة الداخلية الفلسطينية.
فمن أبرز الأساليب التي تبدع فيها الأجهزة الاستخبارية المحترفة، إنتاج مجموعات مسلّحة محلية داخل البيئة المستهدفة، وتوفير السلاح والمال والخبرة لها، تنميتها وتعزيز حضورها.
ويُعد وفق المختصون إنتاج ميليشيا داخل البلد الهدف من أعلى مستويات التأثير في الصراع الاستخباري وأكثرها عنفاً وتصاعداً، لأنه يمثل حالة تكامل في السيطرة الاستخبارية.
ويأتي ذلك عبر إيجاد خاصرة رخوة تخدش الأمن الداخلي وتضعف المكانة السياسية والقدرة على السيطرة وتشتيت الجهد.
ميليشيات غزة ويكيبيديا
ويضيف هؤلاء “أن صناعة المجاميع المسلحة في السياق الاستخباري ليست عملاً عشوائياً، بل هي جهد مركّز يهدف إلى خلق الفوضى أو إرباك البيئة الأمنية أو فرض توازنات جديدة، أو إشغال القوى الشرعية، أو فرض منطق “الجغرافيا غير الآمنة” داخل المجتمع المستهدف”.
ولفتوا إلى أنه وفي الحالة الغزية، تسعى المنظومة الاستخبارية المعادية إلى توظيف هذه الأدوات الصغيرة والمتناثرة لتوليد تهديد داخلي منخفض الكلفة عالي التأثير، يضرب وحدة المجتمع ويستنزف قدراته الأمنية.
وقال المختصون الأمنيون “إن استمرار محاولات أجهزة الاستخبارات المعادية في تجنيد أفراد أو مجموعات ذات خلفيات مضطربة أو دوافع شخصية يشكّل تهديداً خطيراً لبنية المجتمع الغزي وأمنه الداخلي”.
واعتبروا أن هذه الظاهرة، رغم محدوديتها، تحمل طابعاً تراكمياً يمكن أن يتحول مع مرور الوقت إلى ثغرة أمنية مستدامة تُستخدم لاختراق النسيج الاجتماعي، وإضعاف ثقة الجمهور، واستنزاف قدراته الأمنية في صراعات داخلية بدلاً من تركيزها على مواجهة الاحتلال.
كما أن نجاح هذه الأجهزة في إيجاد بيئات حاضنة أو شبكات منفعة حول هذه المجموعات يعزز فرص التوسع والتكرار، ويفتح الباب أمام ظواهر أشد خطورة مثل الجريمة المنظمة والعمل المرتبط بأجندات خارجية.
ويطالب المختصون ضرورة مواجهة هذا النوع من التجنيد من خلال تعزيز الوعي المجتمعي، وترسيخ منظومة القيم الوطنية، ومعالجة الأسباب الاجتماعية والنفسية التي قد تدفع بعض الأفراد إلى الانحراف، بما يضمن حماية المجتمع من محاولات الاستغلال وتوظيفه في مشاريع تستهدف أمنه واستقراره.
ميليشيات غزة إلى الزوال
وقبل أيام كشفت صحف ووسائل إعلام عبرية عن أن رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير وبالتنسيق مع جهاز الشاباك أصدر تعليمات رسمية لوقف نشاط ميليشيات غزة “أبو شباب” وغيره، وطرد عناصرها من المناطق التي تنتشر فيها.
ووفق الإعلام العبري فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعتبر أن استمرار نشاط هذه الميلشيات خلال المرحلة المقبلة سيقوّض ترتيبات الانسحاب ويؤثر على صورة السيطرة الأمنية، لتي تحاول إسرائيل تسويقها دوليًا.
فيما اعتبر مطلعون أن خطوة رئيس الأركان خطوة لتجنب الفوضى والمساءلة الدولية المحتملة.
وقالت صحيفة إسرائيلية إن “هذه المجموعات لا تمثل أي جزء من المجتمع الفلسطيني، بل تعتبر امتدادًا للميليشيات العيملة السابقة التي اعتمد عليها الاحتلال لأغراض أمنية وسياسية.
ومن المتوقع أن تتفكك هذه المجموعات سريعًا بمجرد سحب الدعم العسكري، نظرًا لغياب أي حاضنة شعبية أو شرعية اجتماعية أو سياسية داخل المجتمع الفلسطيني.



