عمر شعبان يتفاخر بعلاقته مع شمعون بيريز.. تطبيع وسط الإبادة

في لحظة مفصلية من تاريخ فلسطين، حيث تتعرض غزة لحرب إبادة جماعية إسرائيلية، خرج عمر شعبان، مدير “مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية”، ليفتخر على الملأ بعلاقاته الشخصية مع قيادات الاحتلال الإسرائيلي، وعلى رأسهم شمعون بيريز، مهندس المجازر والتهجير والاغتيالات، ومسؤول مباشر عن عقود من العنف ضد الفلسطينيين.
فقد ظهر شعبان في ندوة إلكترونية نظّمها Middle East Institute (MEI)، إحدى المنصات الأمريكية المرتبطة بعلاقات وثيقة مع شخصيات إسرائيلية وبرامج تطبيعية متعددة.
من هو عمر شعبان؟
وشارك شعبان في الندوة المشبوهة مضمونا وتوقيتا، إلى جانب نِمرود نوفيك، المستشار السابق لبيريز، وأحد أبرز رجال القنوات الخلفية السرية بين الاحتلال وبعض الأنظمة العربية، وأحد الأصوات الداعمة بشكل علني لعودة الأسرى الإسرائيليين من غزة.
وللتذكير، فإن نوفيك ليس مجرد موظف إسرائيلي سابق، بل شغل أدواراً تفاوضية بالغة الحساسية في مرحلة كانت تُدار فيها عمليات تهجير وتصفية وتآمر ضد القضية الفلسطينية.
في هذه الندوة، لم يجد عمر شعبان حرجاً في الحديث بـ”دفء” عن علاقته بشمعون بيريز، وكأن الرجل كان ناشط سلام، لا مجرم حرب.
عمر شعبان ويكيبيديا
الأكثر فداحة أنه لم يُبدِ أي تحفظ على الجهة المنظمة ولا على الجلساء، بل انسجم تماماً مع السياق، حتى بدا كمن يمثّل وجه “الاعتدال الفلسطيني الجديد”، ذاك الذي يحارب المقاومة ويغسل وجه الاحتلال، ويقدّم نفسه بوصفه بديلاً سياسياً للواقع النضالي الفلسطيني.
من غزة إلى واشنطن.. اقتصاد بمذاق تطبيعي
لدى شعبان تاريخ طويل في تقديم نفسه “محللاً اقتصادياً”، غير أن المسار الذي اختاره يتقاطع بوضوح مع مشاريع تصفوية تُسهم في تحييد جوهر الصراع مع الاحتلال.
فمؤسسة “بال ثينك”، التي يديرها من غزة، تحوّلت إلى منصة ناعمة لترويج التعاون مع المؤسسات الغربية المتواطئة، وتسويق خطاب “السلام الاقتصادي” كبديل عن المقاومة والتحرير.
يُدعى شعبان بانتظام إلى المؤتمرات الغربية، حيث يتحدّث عن “فرص الاقتصاد في غزة” دون ذكر الحصار، و”مستقبل التنمية” دون التطرّق للعدوان، بل ويدين في أحاديثه بعض ممارسات المقاومة، محملاً إياها مسؤولية “تأزيم” الأوضاع، ومعتبراً أن الاشتباك مع الاحتلال ليس أولوية في الوقت الحالي.
فساد عمر شعبان
بهذا الخطاب، يتحوّل عمر شعبان إلى أداة في يد الراغبين في شيطنة فصائل المقاومة، وتبرئة إسرائيل من الجرائم التي ترتكبها يومياً بحق المدنيين الفلسطينيين.
الجهة التي نظّمت الندوة، Middle East Institute، لا تخفي علاقاتها مع شخصيات ومؤسسات إسرائيلية. ففي يوليو 2023، استضافت فعالية بعنوان “التعاون البيئي الإقليمي بين إسرائيل وجيرانها”، بمشاركة مسؤولين إسرائيليين بارزين.
كما يضم الكادر البحثي للمؤسسة محللين إسرائيليين معروفين بمواقفهم الداعمة للحرب على غزة، مثل نمرود غورين، الذي يظهر بانتظام في منصات دعائية تروّج لتبريرات العدوان الإسرائيلي.
كل هذه المؤشرات تجعل من ظهور عمر شعبان بندوة مشتركة، بموافقة ورضا منه، عملاً تطبيعياً صريحاً، يخرق الإجماع الفلسطيني الأخلاقي والسياسي، خصوصاً في وقت تعاني فيه غزة من المجاعة، والتدمير، والنزوح القسري.
فضيحة عمر شعبان
لا تتوقف خطورة عمر شعبان عند حد المشاركة في فعاليات مشبوهة، بل تمتد إلى أدواره الإعلامية والتقارير التي يقدّمها كـ”محلل”، والتي يهاجم فيها صراحة فصائل المقاومة، متهماً إياها بإعاقة جهود التنمية، و”احتكار القرار في غزة”، وغيرها من المصطلحات التي تتقاطع بشكل كامل مع خطاب الاحتلال ودوائر التنسيق الأمني في الضفة الغربية.
ويؤكد مراقبون أن الملاحظ في خطاب شعبان محاولته الدائمة تعويم الاحتلال، واستبدال صورة “العدو الخارجي” بسردية الفشل الداخلي، بل أحياناً تحميل الضحية – أي سكان غزة – مسؤولية مأساة الحصار والحرب.
ويشير هؤلاء إلى أن هذا النوع من الخطاب هو ذاته الذي تتبناه دوائر الاحتلال في إعلامها الناطق بالعربية، والذي يعمل على اختراق الوعي الفلسطيني وتمييع خطوط الصراع.
تمويل مشبوه بال ثينك
فضلاً عن ذلك، تحوم حول مؤسسة “بال ثينك” شبهات فساد مالي، تتعلق بكيفية إدارة التمويل الوارد من جهات غربية، بعضها ذات علاقة مشبوهة بإسرائيل.
وطُرحت تساؤلات عديدة في الأوساط الحقوقية عن غياب الشفافية في عمل هذه المؤسسة، التي باتت تتلقى تمويلاً مشروطاً بمواقف سياسية ناعمة، تُضعف من الجبهة الداخلية وتخترق الوعي الجمعي الفلسطيني.
وعليه فإن ما فعله عمر شعبان لا يمكن تبريره بأي دعوى “حوار” أو “انفتاح”. ظهوره إلى جانب مستشار بيريز – مع ما يحمله من دلالات رمزية وسياسية – هو فعل تطبيعي فاضح، واستهانة بدماء الشهداء، ودهس علني لكرامة شعب يقاوم بكل ما يملك من أجل البقاء.