محللو الوهم.. عندما تتحول البغال إلى نُقاد

كتب محمد النجار
في زمن الفتن، حين تشتد العواصف، وتتلبد السُّحب، تظهر فئة تدعي امتلاك ناصية التحليل، وتطلق على نفسها لقب العقلاء ، وهم في حقيقة أمرهم (بغال) تحمل على ظهورها صناديق مزينة بالحكمة، لكنها مملوءة بسُم الاستسلام والخَوَر ..
يحللون الواقع بعيون الأعداء يدعون الموضوعية، ويتغنون بالواقعية، وهم في الحقيقة يرتعون في مراعي الأعداء، ويُعيدون إنتاج خطابهم بلهجة محلية ، يحللون لك الأرقام والموازين والقوى ، ويُخوفونك من عدوك حتى يوهنوا عزمك ، ويقنعوك أن المق//ومة حماقة ، وأن الصمود انتحار.
يتحدثون بلغة ( المنطق ) وهم يبيعون الأوهام ، ويحذرون من ( المجازفة ) وهم يدفعونك إلى حتفك رويداً رويداً ..
يحسبون الخنوع حكمة ، والاستسلام رشادة ، والجبن سياسة ..
هم مهندسو الهزيمة النفسية ، يبنون جدراناً من الخوف في عقول الناس قبل ساحات القتال ، يحللون لك القوة المادية للعدو بإسهاب ، ويُغفلون عن قوة الإيمان في الصدور ، يعدون طائراته ودباباته ، وينسون أن الله أقرب إليك من حبل الوريد ..
يقولون : ( العدو أقوى والقادم على غزة عواقبه وخيمة ) ،
ولا يقولون: ( الله ناصرنا ، والحق لا يموت ، وإن كان الموت قضاء فليكن على درب الكرامة ) ..
سميتهم ( بغال ) لأنهم حمَلة لأفكار الأعداء ، ينقلونها بلا وعي ولا إدراك ، كالبغل يحمل أسفاراً ولا يفهم ما فيها ، يظنون أنهم ( مثقفون ) وهم في الحقيقة ( سُعاة ) بريد لأجندات خفية ..
يدعون حب الوطن وهم يفتون في عضده ، ويتغنون بالسلام وهم يبيعون الأرض والعرض ، يحللون الواقع تحليلاً مادياً جافاً ، وينسون أن هذه الأمةَ قامت على الإيمان ، ولن تقوم إلا به ..
كيف نعرفهم ؟
حديثهم دائماً عن ( المنطق ) و ( الواقعية ) بمعزل عن القيم والمبادئ ..
تركيزهم على قوة العدو وتضخيمها ، وإغفالهم لقدرات الأمة وإمكاناتها ..
تحذيرهم الدائم من ( المغامرة ) و( المخاطرة ) في طريق الكرامة والعزة ..
سعيهم الدؤوب لتحطيم معنويات الأمة ، وترويضها على قبول الهوان.
وقوفهم دائماً في صف المترددين والخائفين ، وانتقاصهم من شأن الصامدين ..
فما الحل ؟
الحل أن نحصن عقولنا وقلوبنا بالإيمان وأن نقرأ واقعنا بنور القرآن لا بأضواء أعدائنا، أن نثق بأن الله ناصر دينه و مؤيد أوليائه ..
أن نعلم أن هؤلاء ( المحللين ) ما هم إلا نفخ في قربة مثقوبة ، وصوت لا يعدو أن يكون صدى لسيدهم ..
( إِنَّهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاحْذَرُهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ )
فلنكن كالطير الحوام ، نرى فرائسنا من عل ، ولا ننخدع ببهرجة الألفاظ ، ولا نغتر بألقابهم المصطنعة ..
فالأمة التي تعرف أعداءها من داخلها ، تستطيع بسهولة أن تواجه أعداءها من خارجها ..
والعاقبة للمتقين



