
في ظل المجاعة التي تضرب قطاع غزة بشكل غير مسبوق، وفي وقت تعاني فيه آلاف العائلات من نقص حاد في الغذاء والدواء، يبرز تجار الحرب ممن يستغلون جوع الأطفال ومعاناة الناس، في مشهد لا يقل بشاعة عن مشهد القصف والدمار، ومن بين هؤلاء، يبرز اسم سائد البش، الذي تحول إلى رمز للجشع والتربّح من آلام الناس.
من هو سائد البش؟
سائد خالد محمد البش، من سكان مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، من مواليد عام 2006، ويحمل رقم الهوية: 422748756، يبيع كيلوجرام الطحين بـ200 شيقل، في واحدة من أبشع صور الجريمة الاقتصادية والإنسانية.
ويأتي هذا الاستغلال الفاحش في وقت يعاني فيه القطاع من انهيار تام في سلاسل الإمداد وغياب شبه كلي للرقابة، ما جعله وأمثاله يتمادون في امتصاص ما تبقى من صمود الناس وسط المجاعة والحصار.
تحذيرات أممية من مجاعة غير مسبوقة
وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة قد حذر في بيان رسمي من أن المجاعة باتت تهدد حياة ملايين الفلسطينيين في غزة، مؤكدًا أن الأوضاع في القطاع لم يشهد لها العالم مثيلًا من قبل.
وأشار البيان إلى أن بعض العائلات أبلغت فرقه بأن أطفالها لا يتناولون أي طعام طوال اليوم، في مشهد يعكس حجم الأزمة الغذائية المتفاقمة، ويجسد خطورة المرحلة التي تمر بها غزة نتيجة استمرار الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر.
وأكد البرنامج أن هناك كميات غذائية متوفرة تكفي لسكان القطاع لمدة شهرين، لكن إيصالها يتطلب فتح جميع المعابر دون قيود، وهو أمر ما زال الاحتلال يعرقله بشكل ممنهج.
استغلال وجشع وسط كارثة إنسانية
ورغم التحذيرات الدولية والأممية، تستمر حالات الاحتكار والاستغلال داخل القطاع المنكوب، حيث يُقدم تجار المواد الغذائية على بيع الطحين بأسعار خيالية، كما في حالة سائد البش، الذي يبيع الكيلوجرام الواحد بـ200 شيقل، ما يعادل أضعاف سعره حتى في ظل الحصار.
هذا السلوك لا يرقى فقط إلى مستوى الجريمة الأخلاقية، بل يمثل سرقة صريحة من أفواه الجائعين، في وقت يموت فيه الأطفال بسبب نقص الغذاء ويعجز فيه المواطنون عن تأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة.
وحدات أمنية تلاحق المتورطين
وفي مواجهة هذه الجرائم، تتابع وحدة “سهم” ووحدة “الرادع” الأمنية عمليات رصد وملاحقة المتورطين في احتكار المواد الأساسية وبيعها بأسعار فاحشة، في إطار جهود أمنية لردع كل من يستغل ظروف الحرب لتحقيق مكاسب شخصية على حساب حياة الناس وكرامتهم.
وتستمر التحقيقات لمحاسبة كل من يثبت تورطه في التلاعب بالمساعدات، أو استغلال الأزمة عبر تخزين أو تهريب الطحين وغيره من المواد الحيوية بهدف إعادة بيعها بأسعار مجرّدة من الإنسانية.
دعوات لفك الحصار ومحاسبة “تجار الحرب”
وتتصاعد الدعوات لاتخاذ إجراءات عاجلة تضع حدًا لتجار الحرب والمحتكرين، ومحاسبة كل من يستغل الأزمة لتحقيق مكاسب على حساب آلام الناس وجوع الأطفال.
وفي الوقت نفسه، تتجدد المطالبات العاجلة بضرورة كسر الحصار وفتح المعابر بشكل فوري، لضمان تدفق المساعدات الإنسانية ومنع استخدام التجويع كسلاح جماعي ضد السكان.
وتؤكد المؤسسات الحقوقية أن استمرار هذه الانتهاكات يكرّس واقعًا كارثيًا يمس كرامة الإنسان الفلسطيني، ويحوّل المعاناة اليومية إلى تجارة قذرة يدفع الأبرياء ثمنها من أرواحهم وصحتهم.
وتواصل “إسرائيل”، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، تنفيذ إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، بدعم مباشر من الولايات المتحدة، ومخالفة لكل المواثيق الدولية وقرارات محكمة العدل الدولية.
وقد أسفرت هذه السياسات عن استشهاد وإصابة ما يزيد عن 195 ألف فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين، وسط انهيار تام للبنية التحتية الصحية والخدمية، ومجاعة تزهق الأرواح يوميًا.